اتصالات وتكنولوجيا

“إبراء”… عندما تُصبح التقنية أقرب إلى الناس شركة سعودية تعيد تعريف تحصيل الديون بلغة التفاهم والذكاء

في وقتٍ أصبحت فيه التقنية جزءًا لا يتجزأ من حياتنا اليومية، بدأت بعض الشركات تعيد التفكير في الطريقة التي نُدير بها علاقاتنا المالية. شركة “إبراء” السعودية هي واحدة من هذه الشركات، لكنها لم تكتفِ بتقديم خدمة رقمية جديدة، بل قدّمت فكرة مختلفة بالكامل عن تحصيل الديون.
بدلاً من الأساليب المعتادة التي تعتمد على التكرار والإلحاح والضغط، اختارت “إبراء” أن تبدأ من فهم ظروف الناس. هي لا تفترض أن التأخير في السداد ناتج عن تهرب أو إهمال، بل تعتبر أن هناك أسبابًا وظروفًا لكل حالة. وهذا التغيير في النظرة كان كافيًا ليغيّر أسلوب التواصل.
تعتمد الشركة على نظام ذكي يستخدم البيانات لتحديد الوقت والطريقة المناسبة للتواصل. لا تزعجك في وقت غير مناسب، ولا تفرض عليك أسلوبًا واحدًا. بل تعرض عليك خيارات تساعدك على السداد بالطريقة التي تناسبك، وفي الوقت الذي يناسبك.
من خلال منصتها، يستطيع الشخص أن يطّلع على التزاماته، يصحّح بياناته، ويختار خطة السداد التي تناسب دخله وظروفه. لا توجد لهجة تهديد، ولا مفردات تشعرك بالذنب. بل لغة واضحة، تحترم الطرف الآخر، وتبحث عن حل يرضي الجميع.
ما تقوم به “إبراء” يتجاوز الجانب التقني. فهناك روح واضحة في طريقة العمل، تعكس رغبة حقيقية في بناء علاقة تقوم على التفاهم، لا على السيطرة. هناك إحساس بأن هذه الشركة تعرف أن المال ليس وحده ما يُستحق، بل أيضًا احترام الوقت، والخصوصية، والموقف الحياتي الذي يمر به الشخص.
وفي واقع يتغير بسرعة، ووسط تحديات اقتصادية تؤثر على الأفراد بطرق مختلفة، تأتي “إبراء” لتقترح نموذجًا أكثر هدوءًا، لا يُحبط المتعثر ولا يُفرح المتعالي. بل تفتح مجالًا للحديث، وترتب العلاقة من جديد بين الطرفين: من له الحق، ومن عليه الواجب.
وتكمن قوة هذا النموذج في بساطته وواقعيته. فبدلًا من أن تُحوّل عملية التحصيل إلى معركة نفسية، تجعلها خطوة مدروسة، قائمة على بيانات دقيقة، واحترام متبادل. وهذا لا يقلل من جدّية المطالبة، بل يضيف لها بُعدًا يجعلها أكثر إنسانية.
النتائج الميدانية أثبتت أن هذا الأسلوب لم يحقق فقط رضا العملاء، بل زاد من فاعلية التحصيل. إذ أن الاستجابة تتحسن كلما شعر الطرف الآخر أن هناك من يحترمه ويتحدث إليه بأسلوب يناسبه.
ومن جانب آخر، فإن “إبراء” تنسجم بوضوح مع رؤية المملكة 2030، التي تركز على تطوير الخدمات الرقمية وتحسين العلاقة بين الجهات المقدمة للخدمة والمواطن. فهي ليست فقط شركة ناشئة ذات طابع تقني، بل مساهمة في بناء قطاع مالي أكثر توازنًا، يحقق العدالة دون أن يهدر الوقت أو يستهلك الأعصاب.
في سوق مليء بالأنظمة الصارمة، والقوالب الجاهزة، تمثل “إبراء” حالة جديدة من التفكير الهادئ، الذي لا يُجادل بالصوت المرتفع، بل بالنتائج. نموذج يُظهر أن الحلول الذكية لا تحتاج إلى تعقيد، وأن التواصل الفعّال يبدأ غالبًا بسؤال بسيط: “كيف يمكن أن نُساعد؟”
ولعل ما يميز “إبراء” حقًا، أنها تُعيد بناء الثقة في فكرة التحصيل ذاتها، وتجعل منها عملية ناضجة، واضحة، قائمة على مبدأ: كل تأخير له ظرف، وكل التزام له طريق.
باختصار، “إبراء” ليست مجرد شركة تستخدم الذكاء الاصطناعي، بل هي تجربة سعودية تعيد رسم العلاقة بين التقنية والناس. تثبت أن الحلول لا تأتي دائمًا من الخارج، وأننا قادرون على إنتاج نماذج محلية تراعي الواقع، وتُحسن استخدام أدواته، وتُبقي الإنسان في قلب الفكرة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى